4.5.14

الشيخ طاهر الجزائري: "محمد عبده السوري"

"محمد عبده السوري": دراسة عن طاهر الجزائري و أثره 

تأليف: جوزف اسكوفيتز 

الشيخ طاهر الجزائري
 أشار محمد كردعلي إلى أستاذه و صديقه الحميم: الشيخ طاهر الجزائري بأنه "محمد عبده السوري"، و لكن كردعلي لم يكن الوحيد الذي أشار إلى تأثير الجزائري في سورية في أواخر القرن التاسع عشر و مطلع القرن العشرين، فقد قارنه ألبرت حوراني أيضاً بمحمد عبده: 
 "كانت الأفكار المماثلة لأفكار محمد عبده تملأ الجو في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، حيث نجد مجموعات مماثلة من المصلحين في جميع البلدان الاسلامية المتطورة، و قد يكون من التبسيط المبالغ به تفسير ذلك بتأثير الأفغاني و عبده. من الممكن القول أن سبب تأثير العروة الوثقى يكمن في وجود مسبق لمجموعات صغيرة من المسلمين الذي كانوا يفكرون بنفس الطريقة مما جعل العروة تتمتع بالشعبية. و كان في سورية أشخاص مماثلون في كل مراكز التعليم الاسلامي الكبرى، و من بينهم من عاصر تقريباً محمد عبده و كانت له بعض الاتصالات به و هو طاهر الجزائري الذي كان كاتباً في مجال الأدب و اللغة و كانت لأعماله أهمية كبيرة في تأسيس المدارس المعاصرة و حفظ الكتب القديمة."
 أما هشام شرابي فكان اكثر وضوحا في التأكيد على أهمية و تأثير الجزائري حيث اعتبره "المحرك الأساسي للاصلاح الاسلامي في سورية". كما أن شرابي لاحظ التماثل بين حلقات المريدين التي تجمعت أولاً حول جمال الدين الأفغاني ثم حول عبده و بين الحلقات التي تشكلت في دمشق حول الجزائري الذي "كان تلامذته تقريباً كل المثقفين المسلمين الذين برزوا في دمشق قبيل الحرب العالمية الأولى". و مكانة الجزائري يثبتها عدد من السير الذاتية و كتابات التقريظ باللغة العربية، و من أهمها ما كتبه كردعلي في "كنوز الأجداد". و لكن ليست هناك أي دراسة عن الجزائري في أي لغة أجنبية، و حتى الطبعة الجديدة من "موسوعة الاسلام" تجاهلته، حتى هذا الوقت على أقل تقدير. و الهدف من هذه الدراسة هو تقديم مقدمة عامة عن حياة الجزائري و أعماله الاصلاحية و مناقشة تأثيره على واحد من أشهر تلامذه المخلصين، محمد كردعلي. 


 والد طاهر الجزائري : محمد صالح، أتى من الجزائر إلى دمشق عام 1846 حيث أصبح مفتي المذهب المالكي، و ربما القاضي المالكي أيضاً. ولد طاهر في دمشق عام 1851 و درس بداية مع أبيه في المنزل. توفى والده عندما كان عمره 17 سنة . فدرس بعدها مع بضع مدرسين آخرين أشهرهم كان الشيخ عبد الغني الميداني الذي علمه الشريعة و اللغة العربية و غير ذلك، و حتى الرياضيات و علم الفلك و التاريخ كما يقال. و لكن محط اهتمام الجزائري كان في الأدب و اللغة العربية، و في فك رموز المخطوطات العربية القديمة. و كانت معرفته باللغة الفارسية تماثل معرفته بالعربية ، كما أتقن التركية أيضا. و درس الفرنسية و السريانية و العبرية و الحبشية و عددا من اللغات السامية القديمة، و حتى اللغة البربرية و لكنه لم يكن خبيرا بهذه اللغات. 
 عندما بلغ الجزائري 22 من عمره، أوقف دراسته الرسمية و بدأ يدرس في المدرسة الظاهرية الابتدائية في دمشق. و بعدها بقليل عام 1878 أصبح مدحت باشا والي سورية و أجرى مجموعة من الاصلاحات الثقافية و الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية في ولاية سورية. فعلى الصعيد الاجتماعي قام مدحت باشا باجبار وجهاء دمشق على انشاء جمعية تساعد في انشاء المدارس "الجمعية الخيرية لانشاء المدارس". و كان الوالي قادراً على تجميع رؤوس أموال لانشاء هذه المدارس من مصادر خاصة، و كانت النتيجة انشاء 30 مدرسة في أرجاء الولاية، بما فيها مدارس للبنات و مدارس مهنية. الجزائري كان عضوا نشطاً في هذه الجمعية وقد ساعدته في القيام بانشطته علاقته الشخصية بصديقه بهاء بيك الذي كان من كبار رجالات ديوان الولاية، و رغم أن بهاء بيك كان تركياً إلا أنه نادى بتطوير تعليم اللغة العربية، و وفقا لأحد المصادر فالجزائري هو الذي أقنعه بذلك. و بعد مغادرة مدحت باشا لسورية عام 1880 احتفظ بهاء بيك بمنصبه و ثابر على تشجيع المدارس العربية و أعمال الشيخ طاهر. 
أثناء حكم مدحت باشا لسورية أصبح الجزائري أيضاً مفتش المعارف، ليقوم على ما يبدو بالتأكد من مؤهلات المدرسين. و مع وفاة مدحت عام 1883 فقد ألغيت بعض اصلاحاته و من ضمنها منصب الشيخ طاهر هذا. و هنا انسحب الشيخ طاهر من العمل الحكومي و من مناصبه في التعليم الرسمي و كرس نفسه للعلم و السفر و النقاش مع نظرائه و تلامذته. و في عام 1898 قبل منصب مفتش المكتبات و بقي فيه حتى العام 1902 عندما بدأت السلطات العثمانية تشك به. كانت جهود الجزائري في مجال التعليم الابتدائي  واسعة جدا، ووفقاً لكردعلي فقد كان الشيخ طاهر هو الذي وضع مناهج التعليم و ألف الكتب الدراسية التي تضمنت كتباً في قواعد اللغة العربية و الأخلاق و الدين و العقيدة و التاريخ. أحد تلك الكتب: "الجواهر الكلامية في العقيدة الاسلامية" ترجم لاحقاً إلى اللغة الهولندية ليستخدمه الطلاب الأندونيسيون المسلمون، ومن الكتب الأخرى التي ألفها لتستخدم في التدريس الجزء الثاني من ذلك الكتاب: "الجواهر الوسطى"، أضافة إلى "ارشاد الألبّة في تعليم الألفبا"، "مدخل الطلاب إلى فن الحساب"، "تسهيل المجاز إلى فن المعمى و الألغاز". و غيرها. 
 في حقبة مدحت باشا بدأ الجزائري أيضاً بجمع المخطوطات العربية من عدد من المدارس (و ربما من مصادر أخرى أيضا) في دمشق لتأسيس دار الكتب الظاهرية التي ما زالت إلى يومنا هذا مكتبة أساسية للمخطوطات العربية. و بعد فترة وجيزة قام بتأسيس مكتبة مماثلة في القدس باسم الشيخ راغب الخالدي و سماها المكتبة الخالدية، التي قامت عائلة الخالدي فيما بعد بنقل مكتبتها الشخصية اليها. و بالاضافة إلى هذه الأنشطة، فقد كان طاهر الجزائري مركز حلقة علماء الدين المصلحين و المثقفين العلمانيين. في البداية تألفت الحلقة أساساً من علماء الدين المصلحين، فضمت اضافة إلى الجزائري الشيخ جمال الدين القاسمي، الشيخ عبد الرزاق البيطار، الشيخ سليم البخاري، وآخرين. الموضوعات التي ناقشتها هذه المجموعة تطرقت أساسا إلى التراث العربي الاسلامي الأدبي و الديني و مشكلة الاستعارة من الغرب. و هذه المجموعة الأساسية تشكلت من خلال الجمعية الخيرية. فيما بعد انضم شباب دمشقي أكثر علمانية و أكثر نشاطا إلى المجموعة و كان من بينهم محب الدين الخطيب و محمد كردعلي و فارس الخوري و عبد الحميد الزهراوي و شكري العسلي و عبد الوهاب المالحي (الانكليزي) و عبد الرحمن الشهبندر و سالم الجزائري. و غالباً فإن النقاشات اتخذت مساراً سياسياً أكثر بعد انضمام المجموعة الثانية. 
و كانت المجموعة شديدة التنوع. فعلي سبيل المثال كان محمد كردعلي مايزال مناصرا للدولة العثمانية و لكن بعد اصلاحها و بقي كذلك حتى انحلال الدولة العثمانية. بل أنه خدم كمحرر في "الشرق" و هي صحيفة دعائية للسلطات العثمانية ناطقة باللغة العربية صدرت في دمشق أثناء الحرب العالمية الأولى. أما عبد الوهاب الانكليزي و شكري العسلي و سالم الجزائري –ابن أخ الشيخ طاهر- فقد كانوا من بين من أعدمهم جمال باشا في بداية الحرب العالمية الأولى لخيانتهم للامبراطورية. و كانت هناك حلقة أخرى تشكلت في دمشق من بعض تلامذة الجزائري حول محب الدين الخطيب و كانت تنادي بحقوق العرب و بتعزيز تدريس التراث الثقافي العربي، تجزأت هذه المجموعة لاحقاً و لكن أعضاءها تابعوا أنشطتهم في بيروت و اسطنبول و القاهرة. و بلا ريب فإن النقاشات التي دارت في هذه الحلقة إضافة إلى انتقادات الجزائري للعثمانيين هي التي أدت إلى عزله عن منصب مفتش المكتبات عام 1902. كما أن استمرار الضغط من السلطات دفعه إلى مغادرة البلاد إلى القاهرة عام 1905 آخذا معه مكتبته الشخصية الكبيرة. 
لقي الجزائري ترحيبا حارا في القاهرة و كانت له علاقات شخصية حميمة مع أحمد زكي باشا و أحمد تيمور باشا، و قد دبر الجزائري معيشته في القاهرة ببيع و شراء الكتب و المخطوطات العربية، و يبدو أن مكتبته الشخصية التي جلبها معه من دمشق كانت كبيرة و قيمة، و قد باع معظمها في النهاية إلى أحمد تيمور باشا. و لكنه لم يستأنف حياته كمدرس بل كرس نفسه للعلم من خلال تحقيق و نشر المخطوطات و تأليف تفسيرات قرآنية و دراسات للحديث النبوي. ووفقا لرشيد رضا فقد كان الشيخ طاهر أيضاً محرر جرنال "السلفية" إبان الفترة الأخيرة من اقامته في القاهرة، أي حوالي نهاية الحرب العالمية الأولى. توقع الكثير من الناس عودته إلى دمشق ابان الاعلان عن إعادة العمل بالدستور العثماني عام 1908 و لكنه رفض، و لكنه في العام 1914 زار بيروت و دمشق و ربما طرابلس، و من ثم عاد إلى القاهرة قبل اندلاع الحرب. 
عندما كان في دمشق تنبأ أن نهاية الامبراطورية العثمانية أضحت وشيكة.و في نفس الرحلة اتهمته السلطات العثمانية بأنه عميل بريطاني و لكنه تفادى الاعتقال في طرابلس بعد تدخل عدد من الوجهاء المحليين. و قد قضى سنوات الحرب في القاهرة و ثار لاعدام جمال باشا لابن أخيه سليم ، فرفض تقبل التعازي به قائلا أن الله سينتقم لهذا العمل الشنيع، و قد رحب بالثورة العربية و غزو سورية و اعتبرها حدثاً عظيماً. و في عام 1920 عاد إلى دمشق مديرا للمكتبة الظاهرية و أصبح عضوا في المجمع العلمي العربي الذي كان مقره أيضا في المكتبة الظاهرية. و بعد شهور من عودته توفي الجزائري و دفن في دمشق. ليس هناك شك في التأثير الكبير الذي كان للجزائري على أفكار الناشطين و المثقفين الدمشقيين الشباب في نهاية القرن التاسع عشر و السنوات الاولى من بداية القرن العشرين، فقد اعترف محب الدين الخطيب و محمد كردعلي بتأثير الجزائري عليهما و على أقرانهما و امتدحا جهوده في اصلاح الاسلام و في التركيز على العنصر العربي داخل الحضارة الاسلامية، و في الدعوة لاستعارة ما هو مفيد من الحضارة الغربية. و قد اعتبر فخري البارودي الشيخ الجزائري "شيخ التحرريين العرب" في تلك الفترة في دمشق. 
و لكن هذا التأثير كان في معظمه شخصياً، فكتبه المنشورة تتألف من مجموعة من الكتب المعدة للتدريس في المدارس الابتدائية، ومن نسخ محققة من المخطوطات، و من تعليقات كذلك المرفق بخطب ابن نباتة، و من كتب في علوم اللغة العربية. أما تفسيره للقرآن فلم ينشر أبداً. و حتى محمد كردعلي لم يقتبس إلا لماماً من كتابات الجزائري و لكنه تحدث عن آراءه الشخصية التي يدين شخصياً للجزائري بالهامها. على الصعيد الشخصي كان الجزائري غريب الأطوار، و حتى كردعلي المخلص له كتب باسهاب عن غرابة أطواره بما يتفق مع ما قاله رشيد رضا. فعلى سبيل المثال لم يتزوج الجزائري أبداً مفضلاً تكريس وقته للعلم و متجنباً الانشغال بالضغوط العائلية. و عرف بأنه كان يقضي الليل في القراءة و الكتابة، و رغم الحاح الأصدقاء فإنه لم يكترث بالعناية بنظافة ملابسه، بل كان يشتري الرخيص منها و يرميه عندما يتسخ كثيراً أو عندما يبلى. و بشكل عام، فقد عرف بأنه يحيا حياة غريبة. 
و قد كتبت جيرترود بيل وصفاً لافتاً، و أن كان قاسياً و سطحياً إلى حد ما للشيخ طاهر عندما التقته بالصدفة عند زيارة منزل أحد أقرباء الأمير عبد القادر في دمشق عام 1905: 
جيرترود بيل
 "كان وصولي أمرا ساراً لأنه كان معهم ضيف مميز كان بودي أن التقيه دون شك، كان الشيخ طاهر الجزائري الرجل المعروف بدروسه و بسياساته الصاخبة و الثائرة. .. دخل كالاعصار و جلس بجانبي و أخذ يصب في أذني، و في آذان كل القريبين منا لأنه كان يتحدث بصوت مرتفع، امتعاضه من عدم سماح الوالي له بمصاحبة الأجانب المميزين مثل رجل الآثار الأمريكي و حتى أنا...و العديد من الشكاوى الأخرى. و عندما نضب هذا الموضوع قليلاً أرسل يحضر بعضاً من مؤلفاته و قدمها لي، كانت تتحدث عن اللغة العربية و مثيلاتها كاللغة النبطية...، و عن رموز الأبجدية التي قام بترتيبها ... بحرص و بشكل جيد في جداول مقارنة، رغم أنه لم يعرف دلالة أي من هذه اللغات باستثناء لغته الأصلية. كان الشيخ طاهر باحثا شرقياً نموذجيا و متعطشا للعلم، لكن مما عاينته من محادثته فأنا لست متأكدة أن عواطف هؤلاء الذين يحترمون السلام و النظام لن تكون مع الوالي". 
و لكن رغم ادعاءات بيل، فليس هناك دليل أن الجزائري نفسه اتخذ المبادرة في معارضة السلطات السياسية و الدينية في زمنه، فهو فضل أن يكون منتقداً يدعو للتغيير و الاصلاحات. كان هدفه الأساسي هو تحسين مكانة العرب المسلمين داخل الامبراطورية العثمانية، و كانت طريقته الأساسية للقيام بذلك هي التعليم بأوسع معانيه. و قد انتقد الجزائري السياسيات العثمانية قائلا أن الامبريالية العثمانية حطمت الحضارة العربية في أرض العرب و آذت البنى الأخلاقية لهذه المناطق أيضا. و كان من الضروري للعرب أن يعيدوا اكتشاف قيمتهم من خلال اعادة اكتشاف تاريخهم، و مزايا لغتهم، و مزايا الاسلام، فهذه الوسائل هي التي ستدفع العرب إلى موقع أفضل في العالم. و ربما بسبب علاقته المبكرة مع الجمعية الخيرية، فقد أكد الجزائري على أهمية التعليم الابتدائي. و كان ناقدا للكتب المدرسية المستخدمة في دمشق آنئذ و آملاً في أن استخدام الكتب الجديدة التي ألفها بنفسه ستجعل من الأجيال القادمة من العرب المسلمين فخورين بعروبتهم مما سيدفعهم لتبني رؤية اصلاحية للاسلام. ووفقاً لكردعلي فإن الجزائري كان مهتماً بشكل خاص باصلاح الأعيان أو الطبقات العليا، و رأى أن أفضل الطرق للقيام بذلك كانت تعليم أولادهم بشكل ملائم. و قد أضاف الجزائري عنصرا جديدا لنظرية التعليم من خلال دعوة كل تلميذ للعلوم الاسلامية لأن يدرس مهنة أو مهارة تجارية لكي يكون مستقلاً لا يعتمد على توسل النقود من الكبار و النافذين، أو على ريع بعض الأوقاف، و تعليم المهارات العملية و التجارية للتلاميذ في مرحلة مبكرة من التعليم سيجعلهم أكثر انضباطاً. 
عنصر هام آخر في التعليم كان مهماً للجزائري و هو تقدير التراث العربي، كان مهتما على وجه خاص بالتراث الأدبي و كان شغوفاً بجمع المخطوطات العربية. يشهد على ذلك تأسيسه للمكتبة الظاهرية و المكتبة الخالدية و اتساع مكتبته الشخصية، اضافة إلى ملاحظات من كتبوا عنه. و كان اهتمامه بتطوير البحث في مجالات التاريخ و الأدب العربي قد جعله على اتصال بعدد من المستشرقين، و قد قال كردعلي أن الجزائري اعتبر الباحث المجري اليهودي جولدزيهر صديقاً بقدر محمد عبده. كان يعتبر أن نشر المستشرقين الغربيين للمخطوطات العربية و بعض أعمالهم الأخرى خدمات مفيدة. و هذا الموقف من الجزائري تجاه المستشرقين كان من طبيعة الجزائري الذي لم يكن يتردد في الارتباط بأي نوع من الناس في سبيل أن يتعلم منهم و يقربهم منه و من الأهداف التي كان يدعو اليها. 
 كانت فكرة الاصلاح الاسلامي مهمة للجزائري، لكن تعاليمه بشأنها كانت فضفاضة و معروفة بتفاؤلها. فهو لم يدع انتماءه إلى مذهب واحد بل تحدث عن العودة لجذور الشريعة و استخدام اجتهاده الشخصي، و كان يتبع كل ما بدا له صواباً من القرآن و السنة، و لم يكن يتردد في نسب الحقيقة إلى علماء الشيعة أو المعتزلة أو الفلاسفة. و يبدو أنه بالنسبة للجزائري فإن فكرة التطوير الفعال للحالة الراهنة كانت شغله الأكبر، و أن الخلافات الدينية القديمة لم تعد مهمة. 
و لم يكن الجزائري ثورياً، فهو لم يكن يسعى إلى تغييرات جذرية في النظم المادية و الاجتماعية في سورية أو في الامبراطورية العثمانية، و لم يسائل صحة الفقه الاسلامي من حيث الجوهر. كان يسعى للاصلاحات و التحديث معتبراً أنه يجب استخدام أي مصدر مفيد، جديداً كان أم قديما، شرقياً أو غربياً. و قد كانت نبؤته (أو ربما تطلعاته المتفائلة) بنهاية الامبراطورية العثمانية متطرفة، إلا أنه لم يذكرها حتى عشية اندلاع الحرب العالمية الأولى، كما أنه لم يبق في سورية بعد أن ذكرها. و قد كان يذكر أحياناً، و لكن غالباً بشكل مضمر، أن النظام الأساسي الاجتماعي و الاقتصادي يجب أن يبقى نفسه. 
و رغم أن الجزائري آمن أن النخبة و عامة الناس يجب أن تكون منفصلة، فقد حث الحكومة على تصغير العوائق بينها و بين الناس لتقودهم و تستفيد منهم. و قد لاحظ كردعلي أنه رغم أن الجزائري كان ينتقد السياسات العثمانية، فإنه لم ينتقد الأتراك من حيث الحياة العائلية، التنظيم الأسري، و سلوكهم تجاه كبار السن. كما أن الجزائري كان ممتعضاً من الأحاديث العديدة عن فوائد الحرية التي كا يراها في الجرائد و المجلات. فقد شعر بوجود بعض اللبس بين مفاهيم الحرية و الحكمة، و أنه كان ينظر لكليهما على أنهما نفس الشيء. أقلقه هذا الأمر و حذر من أن تضيع الحكمة في السباق لنشر الحرية، فالحكمة كما رأى يجب أن تبقى في مقام أعلى لأنها تتحكم بالنفس. و ملاحظات الجزائري عن العلاقات الصحيحة بين الطبقات تذكر بوصف كيدي Keddie لتأثير التقليد الفلسفي الاسلامي على جمال الدين الأفغاني (1839-1897). حيث برهن أن الأفغاني تأثر بهذا التقليد الذي كانت نظرياته الفلسفية و الأخلاقية تتضمن شيئا من التشاؤم تجاه عامة الناس الذين "لا يمكن الزامهم الصراط في التشريع المنزل إلا من خلال التركيز على العقوبات و الحوافز المادية في الحياة الآخرة". و هناك قواعد مختلفة "للنخبة الفلسفية التي تستطيع أن تنهج في سلوكها السياسي و الاخلاقي على اسس أكثر عقلانية، و من الممكن لها أن تتحرر من الايمان بوجود آخرة مادية كما يصفها التشريع، بل يمكن أن تقودها طروحاتها المنطقية إلى انكار خلود الروح" أي أن التقليد الفلسفي الاسلامي نخبوي، ثقافوي و علماني من حيث أنه يرفع من مقام الفيلسوف (المثقف) على حساب الاسلام الموحى به. 
و كانت للجزائري مواقف مماثلة، ليس من التقليد الفلسفي بل من قراءاته في الاداب التي أكدت على هذه الأفكار و اضافت اليها قواعد سلوك عديدة. الاداب هي مجموع المعارف التي تجعل الإنسان "مؤدباً و حضرياً". كانت الاداب "ثقافة دنيوية...مبنية...على الشعر و فن الخطابة و التقاليد التاريخية و القبلية للعرب القدماء" و علوم اللغة ذات الصلة. و قد أدى الاحتكاك بالثقافات الأجنبية إلى توسيع محتوى الاداب مما أسفر في القرن الثالث/التاسع إلى ابداع أدب عظيم يحتوي "معارف متنوعة و راقية لم تقتصر على الابحاث... بل تعرضت للمواضيع العلمية و لكنها كانت تركز أساساً على الإنسان، خصائصه و مشاعره و البيئة التي عاش بها و الثقافة المادية و الروحية التي أنشأها". و هنا أيضاً كانت الهوية الاسلامية مهمة، لكن القيم الدينية الاسلامية كانت ثانوية. و قد كان السلوك الملائم، بما فيه الأخلاق و آداب السلوك الصحيحة جزءاً مهماً من الاداب، و قد أضاف ابن المقفع مساهمات مهمة إلى هذا الحقل من خلال جلب الافكار و القيم من الحضارة الفارسية، ثم بنى عليها كما بنى عليها آخرون و أصبحت جزءاً من الأدب العربي، و نحن نعلم أن الجزائري كان مهتماً لهذه الأعمال لأنه قام بتحقيق و نشر بعضها من قبيل "مختصر أدب الكاتب" لابن قتيبة و "الأدب و المروءة" لصالح بن حبان و "الأدب الصغير" لابن المقفع. اضافة إلى "روضة العقلاء و نزهة الفضلاء" لأبو حاتم البسطا. 
و في الواقع فانه كتب الى كردعلي أن أهم الاصلاحات التي يحتاجها المجتمع العربي الاسلامي المعاصر هي في مجال الأخلاق و العادات. و من الأمثلة على نوع الاخلاق التي كان الجزائري مهتماً بها هو ما نجده في نبذة كتبها كردعلي في "روضة العقلاء" الموصوفة بانها كتاب في الاخلاق. و فيها يعدد و يناقش الخصائص التي تتألف منها الأخلاق الجيدة أو اداب النفس. هذه الخصائص تتضمن الثبات و التواضع و الاهتمام بعامة الناس و لكن مع الانفصال عنهم و مصاحبة الخاصة، و التحرز عن الغيرة و الحسد تجاه بقية العقلاء، و التحلي بالأمانة و الحشمة، و تجنب الغيبة... الخ. و هذه وصفة أخلاق علمانية، و لم يتم ذكر الاسلام أو أي دين آخر. 
و لكن الهوية الاسلامية كانت موجودة أيضاً، كما احتوت احدى الخصائص التي يجب التمسك بها و هي "النصيحة المخلصة لأخيك المسلم". و لكن هذا يختلف تماماً عن بناء نظام أخلاقي مبني على تعاليم الاسلام، و من الواضح أن تلك لم تكن الغاية، بل كانت التركيز على أداب السلوك و أخلاق الخاصة. و التأثير الذي كان للتراث الأدبي القروسطوي، و ربما التراث الفلسفي أيضا، على الجزائري كان واضحاً في مناقشته للمعتزلة. و في هذه الحالة فقد كان التركيز على مساهمات خاصة المثقفين في المجتمع الاسلامي، و خيبة الأمل أنه لم يسنح لهم بمتابعة أنشطتهم.
و قد دافع عن المعتزلة في وجه العديد من التهم التي وجهت لهم منذ القرون الوسطى. فقد أكد الجزائري أن المعتزلة كانوا مسلمين صالحين قدموا مساهمات جليلة للاسلام. فقد قال أنهم أوجدوا علم الكلام ووسعوا علم أصول الفقه. و في المجال الأكثر أهمية، و هو مجال علم الحديث، فقد تعدوا تقصي زلات المحدثين و قبلوا كل حديث لم يتناقض مع القرآن، أو كان قريباً من مقاصد الشريعة، أو أعطى أمثلة من الخصائص النبيلة للناس، و لم يشغلوا أنفسهم بفحص سلاسل الرواة.
 كان الجزائري يتحدث عن فترة المأمون، عندما كان للمعتزلة التأثير الأكبر، كفترة خاصة. و قال أن ذلك العصر كان عصر حرية البحث و التعبير، حيث كان يمكن للمرء أن يختلف مع أفكار الخلفاء، و كانت المناقشات تعقد بوجود قادة مجتمعات دينية مختلفة. كما أنه وصف المعتزلة كسادة الاستنتاج و الفطنة بما يتلائم مع حاجات عصرهم. فقد شعروا بالحرية ليقوموا ببحث و دراسة أي كتاب أو مصدر معرفة صادفهم، و لكن حركتهم كانت اسلامية المنشأ و على العكس مما قاله أعدائهم، فانها لم تتطور كنتيجة لانتشار الفلسفة الاغريقية، فهي ظهرت قبل أن يترجم أي من كتب الفلسفة. و في وقت لاحق فقد اتفق الناس (الذين لم يكونوا أبداً مهتمين بنقاشات المعتزلة الحاذقة) و الحكام (الذين بدءاً من المتوكل فقدوا الرغبة بالنقاشات الحرة) على الانقلاب عليهم. و اجتثت حركة المعتزلة تقريباً. و حتى علماء السنة فقد انقلبوا ضدهم.
من خلال وصف الجزائري لحركة المعتزلة هناك رسالة خاصة يمكن ايجادها، فالجزائري لم يكن مهتماً فعلاً بترويج أو بدحض معتقدات المعتزلة، و لكنه كان يعظم مرحلة معينة من الماضي الاسلامي لأنها كانت وقتا كانت فيه مجموعة من المثقفين المسلمين تتمتع بحرية التعبير و التأثير على الحضارة الاسلامية. و قد دافع الجزائري عن خلفية المعتزلة الاسلامية بشكل مطول و تأسف لاضطهادهم، و لكنه كان حريصاً على التأكيد أنهم كانوا مثقفين حقيقيين، غير محدودين بنظام معتقدات معين. و قد اشار إلى أنهم لم يترددوا في البحث في جميع مصادر الحكمة (أي غير الاسلامية) و أنهم كانوا سادة في الاستنتاج و الفطنة في زمانهم. و من خلال تعظيم مجموعة من المثقفين من الماضي كان يدعو ضمنياً أن جماعة مماثلة من المثقفين المسلمين يجب أن تكون فعالة في هذا العصر. و ربما كان مدحه للخلفية الاسلامية للمعتزلة صادقا، و لكن من الممكن النظر اليه أيضاً على أنه دفاع ضد معاصريه الذين قد يلومونه لتزعم حركة عيبت منذ فترة. و من الممكن ملاحظة أن هذه تكتيك شائع لدى الفلاسفة المسلمين: أن يؤكدوا على الهوية أو الطابع الاسلامي لأي فكرة أو مدرسة فكرية يدعون اليها كوسيلة لحماية الذات. و يجب النظر لمناقشة الجزائري لموضوع المعتزلة كجزء من حركة معتزلة-جدد معاصرة أكبر كانت منتشرة بين المثقفين العرب في نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين. و كان هدفهم، كما كان هدف الجزائري، هو شرح أن الاسلام لم يكن منافياً للمنطق و للعلم، و استخدمت المعتزلة كمثال. و لكن الجزائري ذهب أبعد من ذلك و أظهر أن هناك فوائد للمجتمع الاسلامي من مجموعة من المثقفين منحوا حرية التعبير و البحث. و كان ذكر الجزائري للتصرف بما يلائم الزمان لدى المعتزلة أمراً مهماً و له تطبيقات هامة. فالجزائري لم يتوسع في شرح هذه الفكرة لكنه بشكل واضح كان يخبر جمهوره المعاصر أن ينظر للغرب للاستدلال. و كان في نفس الوقت يؤكد لهم أن هذا الأمر يقع ضمن نطاق الاسلام، كما كانت أنشطة المعتزلة. و كانت هذه طريقة غير مباشرة بدرجة كبيرة لابداء الرأي و لكن يجب عدم النظر اليها على أنها مفاجئة. فكما لاحظ كيدي و غيره فإنه كان من المعتاد لدى الفلاسفة المسلمين أن يتحدثوا أو يكتبوا على مستويين اثنين: واحد للعامة : بسيط و مباشر، و الثاني للخاصة و الذي هو ملتبس و ايحائي، مخافة أن يساء فهم الرسالة الموجهة للخاصة و يدان أو ينتقد المؤلف للكفر أو لنوع آخر من السلوك المعتبر غير اسلامي. اضافة لذلك فيجب أن نتذكر تعليق كيددي عن الافغاني لأنه ملائم أيضاً للجزائري: "كان من المهم له أن لا يضع تأكيدات اضافية على الأصل الغربي لما كان يستعيره، لأن ذلك قد يشجع على نزعة الاعجاب بالغرب و الشعور بالدونية و العجز لدى المسلمين". و طبعاً، فإن كل المصلحين العرب و المسلمين كانوا يدعون جمهورهم لدراسة الطرق الغربية، لكن الجزائري كان سراً يدعو لشيء أكثر تطرفاً، ففي رسالة كتبها من القاهرة لجرترود بيل في العراق بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى مباشرة (و احتفظ كردعلي بنسخة منها) فقد أبدى الجزائري نصائح في الكيفية التي يجب فيها على البريطانيين أن يحكموا العراقيين، و كان غرضه أن يجعل من الحكم البريطاني نافعاً بقدر ما أمكن بالنسبة للعراقيين. فقد حث البريطانيين على أن يبقوا حساسين تجاه عادات و مشاعر العراقيين (المسلمين) ، و لكن أن يقوموا في نفس الوقت بتشجيع انتشار العلوم و تدريب العراقيين على الأمور الاقتصادية و تشجيع التجارة بين العراقيين و بينهم و بين البريطانيين. و من الواضح أن الجزائري اعتبر الوصاية الغربية (و خاصة البريطانية) مفيدة للعرب. و في ملحق للرسالة قال بوجود آخرين (السوريين ربما) الذين سيرحبون و يشكرون نعم الوصاية البريطانية و الحكم البريطاني. و قد حفز على خطوات فورية و لكن تدريجية لاعلام العرب الآخرين بالاهتمام البريطاني بهم.
و باختصار من الممكن النظر للجزائري على أنه ممثل مؤثر و لكن مبكر لمحاولات العالم العربي الاسلامي اصلاح نفسه في القرن التاسع عشر، و هو لم يكن مفكرا مجددا إلى درجة كبيرة، كما لم يكن مهتماً بوضع خطة تفصيلية لمستقبل العرب المسلمين. اذ كانت طريقته إلى حد بعيد اصلاحية و محافظة. و كان يسعى إلى تحسين عامة المسلمين العرب تدريجيا من خلال اعادة هيكلة نظام المدارس الابتدائية و بشكل أساسي من خلال تحقيق و نشر المخطوطات التي تذكرهم بانجازات اجدادهم. و هو كان على اطلاع واسع على انجازات الغرب، و خاصة في حقل دراسات الاستشراق، كما أجاز الاتصال بين الشرق العربي المسلم و بين الغرب لأنه شعر أن هذا سيؤدي من حيث النتيجة إلى فائدة العرب المسلمين. و شخصيا فقد ذهب ابعد من ذلك من خلال موافقته بل و حثه لوصاية البريطانيين من خلال الحكم المباشر –و غالباً المؤقت- للشرق الأوسط العربي. و لكن أنشطته كانت محدودة، و تجميعه و احيانا تحقيقه للمخطوطات كان يمكن لها أن تحمل تأثيرا محدوداً فقط، كما أن جهوده في مجال الدرس الاسلامي التقليدي لم تكن متميزة، و لم يبد أنها كانت مؤثرة. و لكن عمله في اصلاح التعليم الابتدائي و تأمين الكتب المدرسية و المناهج ربما كان لها بعض التأثير و لكن العدد الاجمالي من المدارس و الطلاب كان صغيرا في الواقع. و بقيت الأمية مشكلة اساسية في سورية لعقود بعد وفاة الجزائري. و قد توقف بشكل كبير عن محاولته التأثير من خلال التعليم أو حتى من خلال الصحافة ما أن غادر سورية. و حتى أنه رفض أن يتولى منصيا تعليميا في القاهرة، مفضلا أن يعمل على فهرس توصيفي للمكتبة الملكية المصرية.
و لكن لا ينبغي التقليل من الاثر الذي كان للجزائري بصفته الشخصية على الشباب الذين انضموا لمجموعات الحوار في دمشق و اصغوا لدعوته للتقدم و الاصلاح. و حتى اثناء غيابه عن سورية فقد حافظ على صلته بكرد علي كما هو ظاهر في مجموعة الرسائل التي نشرها كردعلي. و عام ١٩٢٠ قد يكون كردعلي هو من مهد الطريق أمام عودة الجزائري الى دمشق. كان كردعلي على وجه الخصوص مخلصا للجزائري و اعتبره مصدر الهام كبير، كما يظهر في في اهداء كتاب "كنوز الاجداد" و من خلال ادخال سيرة حياة الجزائري في ذلك الكتاب مع ان بقية السير الواردة في الكتاب كانت كلها تعود لمفكرين اسلاميين قدامى و منهم ابن تيمية. كان كردعلي واحدا من أهم و اشهر طلاب و مريدي الجزائري، و من خلال دراسة بعض كتابات كردعلي نستطيع ايجاد امثلة محددة عن تأثير الجزائري في عقول و قلوب شباب دمشق. 
محمد كردعلي
 ولد محمد كردعلي (١٨٧٦-١٩٥٣) في دمشق لأب كردي و أم شركسية، و لم تكن عائلته غنية لكن اباه استطاع شراء مزرعة صغيرة في غوطة دمشق. و باعتراف كردعلي نفسه فهو لم يكن تلميذا ممتازا و لكن أباه شجع تعليمه، كما أنه في مرحلة تشكله الاولي تأثر بطاهر الجزائري و سليم البخاري (الذي كان بدوره عضوا في حلقة الجزائري). خصص كردعلي المرحلة الاولى من حياته العملية للصحافة و كان يعمل بداية في صحيفة اسبوعية دمشقية هي "الشام" و يكتب في "المقتطف" القاهرية. و قبل الحرب العالمية الاولى سافر الى اوروبا، كما اضطر لاحقا تحت ضغط الحكومة العثمانية الى مغادرة دمشق و قضاء بعض الوقت في القاهرة حيث عمل في تلك الفترة في عدة مطبوعات مصرية منها المؤيد و المقتطف قبل أن يؤسس مجلته الخاصة "المقتبس". و مع اعادة العمل بالدستور العثماني عام ١٩٠٨ عاد كردعلي الى دمشق و بدأ بنشر مجلته من هناك و تأسيس جريدة يومية بنفس الاسم. و قد استمرت مشاكله مع السلطات العثمانية مما اثر على مطبوعاته. و قد توقفت المجلة و الجريدة اليومية اثناء الحرب العالمية الاولى بعد اضطراب لبعض الزمن. و قد اقتنع كردعلي في ذلك الوقت بالانضمام الى عبد القادر المغربي و شكيب ارسلان في نشر "الشرق": جريدة عربية بتمويل و اشراف من العثمانيين.
و بعد الحرب انتقل كردعلي لاعمال البحث. فقد ساعد في انشاء المجمع العربي في دمشق على نموذج الاكاديمية الفرنسية و الذي هدف لتشجيع البحوث في العلوم الانسانية باللغة العربية و تحقيق المخطوطات و غير ذلك. و قد ترأس كردعلي المجمع منذ تأسيسه عام ١٩٢٠ و حتى وفاته عام ١٩٥٣باستثناء فترتين وجيزتين كان فيهما وزيرا للتعليم في سورية ابان الانتداب الفرنسي. و قد كان الجزائري و كردعلي مختلفين جدا، فقد كان الجزائري مشهورا بزهده و غرابة اطواره، بينما تمتع كردعلي باللباقة و البراعة.
و كان الشيخ ايضا اكثر اكاديمية كما يظهر من كتبه في التفسير و الحديث و اللغة العربية، و من قيامه بتحقيق و نشر مطبوعات من القرون الوسطى. اما كردعلي فلم يتلق تعليما تقليديا في البحث العلمي، رغم اهتمامه باللغة العربية و بتحقيق المخطوطات. بشكل عام فقد كان من دعاة قضية العرب المسلمين، رغم انه لم يكن من حيث الاصل العرقي واحدا منهم، كما كان صحفيا نشطا لسنوات عديدة و قام بالتدريس عبر سني حياته في مصر و سورية عن انجازات العرب و المسلمين و وضع توصيات للمستقبل. و رغم هذه الاختلافات فقد كان الرجلان متشابهين في افكارهما عن مسائل اهمية العنصر العربي في الحضارة الاسلامية و حاجة العرب المسلمين المعاصرين لمعرفة انجازات اسلافهم. كما أن الشيخ طاهر و تلميذه كردعلي كانا اصلاحيين محافظين في تأكيدهما على اهمية الحفاظ على استقرار المجتمع عند تصحيح بعض العيوب و استعارة ما هو مفيد من الغرب. كما أن كلاهما اشاد بقيمة حرية التفكير و التعبير لكنهما حددا هذه الحقوق بالنخبة المثقفة.
و رغم ان كانت هذه الافكار كانت ذائعة في نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين فإن دراسة سريعة لكتب كردعلي تبين التأثير الكبير للجزائري على افكاره. و كما وصف الجزائري بانه نظر الى الماضي على انه سبيل لحل مشاكل الحاضر و تحسين احوال العرب المسلمين، فقد اعتبر كردعلي الماضي اساسا يجب على المعاصرين ان يبنوا المجتمع الجديد عليه. و قد سار كردعلي على خطا معلمه من خلال نشر المخطوطات لاتاحة التراث العربي بشكل واسع. و قد كان من اوائل اعماله كتابا أمراء البيان و رسائل البلاغة الذين قدم فيهما مختارات و مناقشات من اعمال لم تكن متاحة قبلها لابن المقفع و ابن قتيبة و ابو حيان التوحيدي و غيرهم. يشهد هذان الكتابان بأن كردعلي، كما الجزائري، كان مهتما على وجه الخصوص في الكتاب الذين تخصصوا في الاداب و الفصاحة و سائر ذلك من العلوم غير الدينية. و قد كانت هناك اشارات عديدة في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق تصف، و احيانا تقتبس اعمالا من مخطوطات لم تكن منشورة حينئذ و كان كردعلي يراها قيمة. و بعض الرسائل الباقية من رسائل الجزائري الى كردعلي كانت تتعلق بنشر و تحقيق المخطوطات العربية.
التأكيد على العنصر العربي في الحضارة الاسلامية كان موضوعا مفضلا للعديد من الكتاب العرب في تلك الحقبة و قد يكون كردعلي تأثر باخرين عدا الجزائري في هذا المجال، و لكن اعترافه بالفضل الخاص للجزائري يظهر في تقديمه لكتاب كنوز الاجداد: "إلى روح من أشرب قلبي حب العرب وهداني إلى البحث في كتبهم … أستاذي ... الشيخ طاهر الجزائري". و قد قام كردعلي بالبناء على ذلك بطرق متعددة ، و منها ما سبق ذكره من تحقيق المخطوطات، كما أنه أدان الاتراك بكل اشكالهم بمن فيهم المعول و التتار لخنقهم تطور الاسلام العربي. و قد تحدث الجزائري في ذلك الموضوع كما تعامل معه كردعلي مطولا، قائلا في احدى المرات أن الاتراك لم يكونوا بارعين الا في شن الحروب و بناء الثكنات العسكرية. و كان الاستثناء من هذه القاعدة مدحت باشا الذي عمل معه الجزائري عندما كان عضوا في الجمعية الخيرية، و لكن ولاة متنورين مثله كانوا قلائل و بفترات متباعدة. و لكن انتقادات كردعلي المطولة ضد الاتراك اصبحت اكثر حدة بعد اختفاء الامبراطورية العثمانية. فقبل ذلك كان كردعلي ناقدا للامبراطورية و واجه السلطات لكنه لم يدع ابدا الى انهاء الامبراطورية ناهيك أنه لم يكن يتوقعه. أكد كردعلي على اهمية العامل العربي في كتاباته و خطاباته بطرق اخرى، و مجموعة السير الذاتية التي جمعها في "كنوز الاجداد" تتألف من السير الذاتية لمشاهير العرب، اضافة الى توكيد فكرته من خلال سير بعض غير العرب (فرس خاصة) الذين كتبوا بالعربية. من الجدير الملاحظة من جديد أن السير الذاتية كانت اساسا لكتاب في مواضيع أدبية و فلسفية.
و لكونه سوريا فقد كانت لديه مشاعر خاصة تجاه الامويين، و أكد على انجازاتهم السياسية و الثقافية مؤكدا أن نبلهم و مكانتهم الخاصة بدأت في الجاهلية و استمرت في الاسلام. و هذا الكلام جريء و غير معهود بالنسبة لشخص يفتخر بأنه مسلم،و لكنه يؤكد على تفضيله للعرب. كما أنه كان مؤمنا على ما يبدو أن اي امرء كان قادرا على الوصول الى مكانة رفيعة في المجتمع الاسلامي اذا كان المرء مسلما و تعلم العربية، و هذا له علاقة خاصة بشخص من مثل خلفيته العرقية. أما الاتراك فلم يؤكدوا على اهمية اللغة العربية و بالتالي فلم يكونوا مسلمين صالحين. و كانت الامثلة على انجازات العرب تتكرر في كتابات كردعلي، من قبيل التطور في الاندلس (اسبانيا الاسلامية) و الدليل المادي المتمثل في بناء مدن عظيمة كقرطبة و بغداد و سمرقند و دمشق، و كفاءة الادارة العربية و السياسة. و لكن هذا لا يعني أن الحضارة العربية الاسلامية أو أن الاعتقادات و الممارسات الدينية الاسلامية كانت كاملة. فقد كانت هناك مشاكل في الماضي و ستستمر المشاكل في الزمن الراهن. لقد تراجع الاسلام و كانت هناك اسباب لذلك. جزء من اللوم يقع على الاتراك و لكن هناك اسباب اخرى ايضا، اهمها قمع المثقفين. و في الفترة الحديثة فقد كان جمود العلماء العنيدين و المتحجرين عثرة في وجه التقدم. و كان الجزائري قد بدأ بالحديث عن هذه المشكلة من خلال المعتزلة كما توسع كردعلي في التعامل معها من خلال عدد من كتاباته. و يبدو أن كردعلي كان متأثرا الى حد كبير باراء الجزائري في المعتزلة. و معرفتنا برأي الجزائري في المعتزلة موجودة في مقالة كتبها كردعلي عام ١٩٠٨ بعنوان "أصل المعتزلة". و جل المقالة وصف لاراء الجزائري مع بعض التعليقات من كردعلي، و قد اكد كردعلي هنا و في اماكن اخرى على اتفاقه مع اراء الجزائري بشأن المعتزلة.
و قد اعتبر كردعلي ان الفترة الاولى من الخلافة العباسية في بغداد كانت ذروة الحضارة الاسلامية لأنها كانت فترة حرية التفكير. و هي طبعا فترة المعتزلة، لكن كردعلي لا يقتصر على هذه المجموعة بل يتوسع خارج قيود الفترة الزمنية و النطاق الجغرافي ليمدح المثقفين و الفلاسفة و كل المفكرين الجادين الاخرين لأن معظم المساهمات الكبرى للحضارة تأتي منهم. و قد علل كردعلي انحدار الاسلام بسبب اضطهاد المفكرين، أو بكلام اخر اضطهاد كل من يختلف مع المجتمع حتى بشأن قضية صغرى. هذا الاضطهاد أتى من العامة و من الحكام و من العلماء، كلا على حدة او مجتمعين، و لكن لوم كردعلي الاكبر وقع على العلماء.
احد الجوانب الاكثر اهمية في مناقشة كردعلي لاضطهاد المثقفين هو استخدامه لكلمة "الحرية". و هو عنى بها على وجه الخصوص حرية التفكير كما فعل عندما قال ان الحكم على الناس بسبب افكارهم في بعض عصور الاسلام كان حكما ضد الحرية. و ما هو مهم هنا هو الطريقة التي حدد فيها كردعلي نقاشه و مدحه لفكره الحرية على حرية النخبة المثقفة. فقد كان يحاذر من أن فكرة الحرية قد يساء فهمها على انها رخصة، و كان يخشى من العواقب الوخيمة التي يمكن ان تحل بسبب ذلك بالمجتمع الاسلامي ككل، مما قد يتضمن ثورة قد تقلب المؤسسات الموجودة، أو قد تؤدي على أقل تقدير الى انهيار وحدة الاسرة في المجتمع. و كان رفضه لتحرر المرأة التام متفقا مع هذا الموقف، كما كان امتداحه للمجتمع المكون من طبقات. و قد شاطر كردعلي رأيه بخصوص الحريات الشخصية الزائدة عن الحد مع قاسم أمين، لكنه تحسس هذا الخطر في فترة مبكرة من حياته العملية عندما ذكر له الجزائري في رسالة أن هناك خطرا من أن الحرية قد أسيء فهمها على أنها الحكمة. و قد كان جواب كردعلي على هذه المسألة، و ربما جواب الجزائري ايضا، أن حرية البحث و حتى حرية التعبير محدودة بالنخبة المثقفة التي يمكن ان تنصح الحكام و تساعد في ارشاد المجتمع. أما العامة فليس لهم دور طبعا في ارشاد المجتمع و قد نصح كردعلي بخداعهم اذا كان الامر ضروريا لمصلحة الدولة. و كل ذلك من من اثار نظرة الفلاسفة المسلمين في القرون الوسطى الذين ذكرهم كردعلي مرارا و كتب بعض سيرهم في "كنوز الاجداد". كما انه تأثر ايضا بالنخبوية المضمرة في تقاليد الاداب في القرون الوسطى. و كما فعل الجزائري فقد قدم كردعلي نسخ محققة من كتابات الاداب في أمراء البيان و رسائل البلاغة، اضافة الى تقديم سيرهم في كنوز الاجداد و في أمراء البيان.
و قد كانت المشكلة الاكبر التي واجهت كل الاصلاحيين طبعا هي فيما يتوجب فعله تاليا لمساعدة المجتمع. و كانت النصيحة الاكثر شيوعا طبعا هي البحث عن الارشاد من الغرب و استعارة كل ما هو مفيد لتحسين العالم العربي، العربي الاسلامي، او الاسلامي. و قد اقتفى كردعلي خطى الجزائري (و اخرين دون ريب) في تبني هذه الافكار. بيد أن كردعلي كان مسرفا احيانا في مدح الحضارة الغربية، و قد انتقد كتاب عرب لاحقون هذا التأكيد المفرط لديه على الاستعارة من الغرب. و من جهة اخرى فقد كان موقف كردعي من المستشرقين و مساهماتهم ايجابيا غالبا، و رغم بعض الاستثناءات فقد نهج نهج الجزائري في اعتبار دورهم مفيدا للاسلام و العرب. و رغم هذه الانتقادات فمن الواجب القول أن كردعلي كان مسرفا بنفس القدر على الاقل في التأكيد على انجازات المسلمين و العرب، كما أنه انتقد الحضارة الغربية في احيان اخرى بسبب كونها مسرفة في المادية و الفوضى. و لكن كردعلي، كما الجزائري، كان يرغب في حكم غربي على البلاد العربية و لو لفترة قصيرة على الاقل. و في حالة كردعلي فقد عنى هذا موافقة مشروطة على الانتداب الفرنسي على سورية. و لكن أمل كردعلي خاب لاحقا بطريقة سلوك الفرنسيين في سورية و اصبح من المنتقدين لافراد من الحكومة الفرنسية. و لكنه رأى اشياء عديدة جيدة و مفيدة للعرب في الحضارة الغربية و في الثقافة الفرنسية فلم برفضها كلها، حتى عندما قامت القوات الفرنسية بقصف معشوقته دمشق. و لعل جزءا من سبب موقفه هذا تجاه الغرب كان روح التقاليد الفلسفية الاسلامية اضافة الى تراث الاداب. حيث اكدتا على الاخلاق و القيم الكونية الغير محصورة بوحي و الغير محدودة بنخبة. و عندما كان كردعلي ينتقد الحضارة الغربية و خاصة انشطة مسؤولي الانتداب الفرنسي فقد كان ينتقد تصرفاتهم القاسية و الفظة و عدم تصرفهم وفقا لمعايير السلوك الاخلاقي التي افترض انه يشترك بها معهم.
و كذلك الامر عندما دعا لاصلاح المجتمع كان مثل الجزائري يؤكد على تحسين السلوك و الاخلاق.و كانت هذه الملاحظات موجهة اساسا للطبقات العليا و للمثقفين اضافة الى الحكام. و هو لم يبرر هذه الاقتراحات باسباب دينية و انما قصد ان السلوك الاخلاقي القويم و الاخلاق الحسنة كانت من علائم النبلاء. و هذا من جديد تأثير كتابات الاداب. موقفه هذا لم يصل الى توصيف نهائي لدور الاسلام كدين في الحضارة الاسلامية. كان يميل للتأكيد على الاسلام بوصفه مصدرا للهوية و لكن دون التأكيد على دوره كقوة مهيمنة في المجتمع. و قد يكون سبب ذلك عائدا الى دراسة كردعلي للتاريخ الاسلامي، و اتفاقه مع معلمه على ادانة العلماء في معظم الفترات. و قد لا يكون من الدقيق اعتبار ان الجزائري اراد التخفيف من دور الاسلام كقوة او دليل حياة لدى المسلمين العرب، و لكن ليس هناك شك من انه كان مهتما بالغاء التفرق داخل الاسلام و جعله اكثر عملية و توحدا، ربما للتحضير للصراع من اجل التحديث الذي سيأتي لاحقا. فقد ذكرنا سابقا على سبيل المثال أن الجزائري أراد الغاء التفرق بين المسلمين وفقا للمذهب او الطائفة، كما لاحظنا مديحه للمعتزلة لكونهم قبلوا صحة الاحاديث النبوية بناء على فائدتها او طيب مقصدها بدل التمعن في صحة السند. و لكنه في حالة المعتزلة فقد سارع لاظهار الجذور الاسلامية لاعتقاداتهم. و قد تابع كردعلي هذه الطريقة في التفكير من خلال قوله ان الطوائف المختلفة في الاسلام، و منها الخوارج و الشيعة، ظهرت بنتيجة نزاعات لم تعد ذات اهمية، و ان الاختلافات كانت عادة اما سياسية تظهر بمظاهر دينية او دون اهمية كبيرة او باقية.
كانت نظرة كردعلي الى الاسلام نظرة حداثية و نشطة تؤكد على اهمية فكرة ان الانسان مخير و ليس مسيرا، و على المصلحة من منع الاسلام للكحول و الربا. و لكن كردعلي (كما كانت الحالة مع الجزائري على ما يبدو) كان متأثرا الى حد بعيد بالفلسفة الاسلامية و بتراث الاداب و تركيزها على السلوك الاخلاقي المقصود لذاته فلم يتعرض لمشاكل الخير و الشر. كان من السهل تشجيع الناس على السلوك بشكل مناسب و اخلاقي مادام منصبهم في المجتمع يتطلب منهم ذلك. و لكن عندما فشل ذلك الاسلوب فقد اصبحت المشكلة عصية على الحل بالنسبة لكردعلي. و كان رده الوحيد على قيام التجار الاغنياء و النبلاء بالتربح على حساب الناس في نهاية الحرب العالمية الاولى هو تهديدهم بنار الاخرة، و تبشير التجار البسطاء و الامناء بأن لهم الجنة. و هذا حل مخيب للامال باعتبار ان كردعلي هو مصلح و مجدد و علماني. و لكن اي حل اخر كان من الممكن ان يقوده الى المنطقة المعقدة المتعلقة بالعقيدة و مناقشة اكثر عمقا لعناصر و طبيعة العقيدة الاسلامية. و هذه كانت منطقة شائكة و ليس من الواضح ان كانت لدى كردعلي القدرة او الرغبة بالتعامل مع مشاكل من هذا القبيل. و من جانب اخر فهذا الامر يعطي مثالا على الحدود و الصعاب الموجودة في اسلوب الجزائري و كردعلي في الدعوة لتحسين الاخلاق و السلوك.
و في الخلاصة، فقد كانت جهود الجزائري و تلميذه كردعلي مرحلة متقدمة في تطور الفكر العربي المعاصر، اتسمت بالتأكيد على العنصر العربي ضمن الحضارة الاسلامية، و بانتقاد المؤسسة الدينية في الماضي و الحاضر، و الاعجاب بالغرب، و الرغبة في اصلاح الاسلام. و في الوقت نفسه كانت حذرة و محافظة بدعوتها للاصلاح و ليس للثورة. و نجد ايضا في كتابات هذين المفكرين السوريين الدعوة للدور الخاص للمثقفين العلمانيين في المجتمعات العربية الاسلامية، و نقد لعدم الاعتراف بقيمتهم في فترات سابقة. هذه المواقف كانت وليدة اهتمام الجزائري بتراث الاداب في القرون الوسطى، و قد عرف كردعلي على هذا الادب. و تأثر كردعلي بدوره بشكل كبير بهذا التراث مما شكل اساسا لافكاره الخاصة بشأن الاصلاح الثقافي و الاجتماعي.

ترجمة: شادي مكرم حجازي



للمزيد عن الجزائري:
مجلة التراث العربي
اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 108 السنة السابعة والعشرون - كانون الأول 2008 - ذو الحجة 1428



هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

شكرا جزيلا أخي الفاضل على هذه المقالة الهامة جدا. لعلمك أنا جزائري من عائلة الشيخ طاهر و أهتم بكل ما يتعلق بحياة هذا العلامة الجليل.