الكل كتب وتحدث عن عدوان 5 يونيو 1967 والظروف التى أحاطت به، إلا إنسان واحد، وهو الذى أعلن مسؤوليته كاملة عما حدث، ثم تولى بتفويض من الشعب الذى خرج يؤيده ويطالب ببقائه، ليس فى مصر وحدها وإنما فى العالم العربى كله، يومى 9 و10 يونيو. وعندما قبل الرجوع، دخل فى معارك داخلية وقاوم المؤامرات، وأصر على إعادة بناء جيش محترف قوى، يسترد الأرض ويطرد العدو الدخيل.
وقد وفى بالوعد.. وأدار حرب استنزاف على مدى ثلاث سنوات ونصف السنة، بدأت بالصمود ثم الردع واستعدت للتحرير، وخلالها تم تدريب نصف مليون مقاتل على الحرب الحديثة. آن الأوان- بعد 45 عاما- أن يُسمع صوت جمال عبدالناصر- للتاريخ وحده- وذلك من خلال محضر اجتماع اللجنة التنفيذية العليا، فى 3 و4 أغسطس 1967. (على موقع ( http://www.nasser.org ولكن أستأذن القارئ فى أن أعرض فى عجالة لمقدمات العدوان، ثم أحداثه، أيضا من كلام جمال عبدالناصر:
مقدمات العدوان:
وترجع إلى عام 1965، عندما قابل جمال عبدالناصر فيليبس تالبوت- وكيل الخارجية الأمريكية- ومعه رسالة من الرئيس الأمريكى جونسون، وكان جمال عبدالناصر قد رفض طلبات الأمريكيين، بحق التفتيش بالنسبة للنشاط الذرى فى مصر وبالنسبة للصواريخ، كما رفض تحديد الجيش المصرى بحد معين! وقال تالبوت: بما أنكم رفضتم هذا، فنحن نرى أننا فى حِل أن نعطى إسرائيل ما تطلبه من السلاح! رد عليه جمال عبدالناصر قائلا: إذا أعطيتم إسرائيل سلاحاً، نحن أيضا سنشترى سلاحا.
وفى 1967 لم يواجه الغرب مصر صراحة كما فعل فى عام 1956، وإنما بذل جهداً فى إخفاء دوره. ولم تكن مصر البادئة بتأزيم الموقف فى الشرق الأوسط، فلقد بدأت الأزمة بحشود إسرائيلية على الحدود مع سوريا، وقد جاءت معلومات عنها لمصر من مصادر متعددة، من السوريين الذين حددوا هذه الحشود بـ 18 لواء، ثم أبلغ السوفييت أنور السادات- الذى كان فى وفد برلمانى فى موسكو- بأن غزو سوريا وشيك!
كان بيننا وبين سوريا اتفاقية للدفاع المشترك منذ سبتمبر 1955، ثم كان بيننا إيمان بالنضال وبالمصير المشترك، ولذلك فقد كان محتماً علينا أن نتحرك لمواجهة الخطر على سوريا، ولقد نتج عن تحركنا العسكرى آثار عملية، طلبنا سحب قوة الطوارئ الدولية من سيناء، ثم أعدنا تطبيق حقوق السيادة المصرية على خليج العقبة، فأغلقنا الخليج بالنسبة للسفن الإسرائيلية فى 23 مايو 1967.
توالت علينا بعد ذلك التحذيرات الدولية، فطلب والت روستو، مستشار الرئيس الأمريكى جونسون، أشرف غربال، سفيرنا فى واشنطن، فى ساعة متأخرة من الليل، وقال له: توجد معلومات عند إسرائيل أنكم ستهجمون، وذلك يعرضكم لوضع خطير! وناشدنا ضبط النفس.
فى اليوم التالى طلب السفير الروسى مقابلة جمال عبدالناصر، وأبلغه رسالة من كوسيجن، رئيس وزراء الاتحاد السوفيتى، يطلب فيها ضبط النفس، ويقول: إن أى عمل من ناحيتنا يعرض العالم لأخطار كبيرة!
المجتمع الدولى كله كان يعارض البدء بالحرب، وكان حديث ديجول واضح، فى أن فرنسا سوف تبنى موقفها على أساس من يبدأ إطلاق الرصاصة الأولى!.
لقد تعرضنا لخدعة دبلوماسية.. لعملية تضليل سياسى خطيرة، وذلك كان من جانب الولايات المتحدة، التى بالإضافة إلى ما سبق- أرسلت إلى القاهرة مبعوثا للرئيس الأمريكى، طلب أن يسافر أحد نواب الرئيس إلى الولايات المتحدة، فتقرر أن يذهب زكريا محيى الدين، وتم تحديد الموعد فى 6 يونيو، وبدأ العدوان فى 5 يونيو!.
فى اجتماع اللجنة التنفيذية العليا فى 22 مايو، قبل غلق خليج العقبة، كان من الواضح أن عملنا دفاعى، وأننا لن نقوم بالهجوم إلا إذا حصل عدوان على سوريا، وأن نكون على وضع الاستعداد. فى هذا الاجتماع لم يتكلم أحد على الهجوم على إسرائيل، وكان واضحا من تحليلاتنا أن أى عمل هجومى على إسرائيل سيعرضنا لمخاطر كثيرة، أهمها هجوم أمريكى علينا، نظرا لتصريحاتها بأنها تضمن حدود الدول فى هذه المنطقة، وتقصد بالطبع إسرائيل! وعلى هذا الأساس كانت عمليتنا فى القيادة المشتركة عملية دفاعية، وكان حشدنا هو عملية ردع، حتى لاتقوم إسرائيل بالعدوان على سوريا.
أحداث العدوان:
وتلك أيضا ملاحظات على لسان جمال عبدالناصر، أثناء مباحثاته مع الرئيس بومدين فى 10 يوليو، أى بعد 35 يوما من الهجوم..
- بدأ الهجوم بضربة جوية على الطيران، وخلال الهجوم الإسرائيلى تمكنوا من عمل تشويش كامل على أجهزة الرادار الجوى، والمضاد للطائرات، وأجهزة توجيه الصواريخ المضادة للطائرات، بحيث شُلت تقريباً، ثم انفرد العدو بقواتنا البرية.
- أرسل عبدالمنعم رياض برقية من الأردن عن تحرك طائرات إسرائيل سعت 0830 صباح يوم 5 يونيو.. ولم تصل للقيادة!
- انهارت القيادة العامة للقوات المسلحة فعلا منذ اللحظة الأولى من الحرب، ولولا ذلك لكان من الممكن أن نقاتل وننسحب بطريقة أفضل كثيرا مما تم، كما كان من الممكن تجنب كثير من الخسائر.
ويقول جمال عبدالناصر للرئيس بومدين: إننى أود أن أسجل حقيقة، وهى أنه لم تحدث حرب بالمعنى المفهوم، وإن كانت هناك معارك منفصلة هنا وهناك، وبطولات من بعض قواتنا المسلحة، ومن ضباط وجنود لا حصر لها، ولكنها ضاعت وسط ضباب المعركة.
المهم.. يوم الخميس 8 يونيو كان الوضع كالآتى، كنا بدون جيش، وقد خسرنا الكثير من الأسلحة والمعدات، كما حدثت فوضى فى الانسحاب، هل هو للخط الثانى بسيناء، أم هو إلى غرب القناة؟!
والآن ننتقل إلى تفاصيل ما حدث على لسان جمال عبدالناصر فى جلسة اللجنة التنفيذية المذكورة..
مشكلة قيادة القوات المسلحة:
الموضوع من سنين طويلة.. رأيى أن عبدالحكيم هو شخص مدنى، انتهت معلوماته العسكرية سنة 1952، لكن لابس بدلة عسكرى! مرت 1956 وبعدها، والدنيا تتغير، وإننى اليوم لا أستطيع أن أقود الجيش، ولا أحد فيكم يصلح. إننا ممكن نتكلم استراتيجى، ولكن القائد يجب أن يكون متعلم ومحترف، وكل ثلاث سنوات يغير، ونكون بنعلم واحد، هذا كان الخلاف الأساسى مع عبدالحكيم، ولم نستطع أن نصل لحل.
وقد اعترضت على صدقى محمود قائدا للقوات الجوية، وعلى هذا قدم عبدالحكيم عامر استقالات متعددة، من أجله. والاستقالة التى توزع هذه الأيام، اتعملت سنة 1962، عندما كنا نريد أن نعمل مجلس رئاسة، واتفقنا أنه يترك الجيش، ونعين قائداً محترفاً. وبعد ما تم الاتفاق قدم استقالة، ثم قدم استقاله ثانية! فكان هناك خلافات باستمرار فى وجهات النظر، ورأيى أن صدقى محمود لا يستطيع أن يقود أو يدير أو يعمل شيئا!
وكان قد عقد اجتماع فى البداية لقيادة الجيش، حضره زكريا محيى الدين وأنور السادات، وكانت الخطة مبنية على أن الحرب ستكون بين الطريقين الجنوبى والأوسط، وأن القرار هو أن اليهود لن يتحركوا من عند الكنتلة ويقطعوا إيلات.
وقد سألت.. إذا كنتم ستتحركون، لماذا لا تذهبون إلى بير سبع؟ كان الرد، أن العملية صعبة. ناقشت الموضوع على أساس احتمالين.. إما يأخذوا شرم الشيخ، أو يقطعوا قطاع غزة، وشرم الشيخ فى رأيى احتمال بعيد.
إننى أناقش ليس كقائد عسكرى، وقلت أن تعزز العريش، ففى رأيى القوة التى فى الشمال ضعيفة، رفح فاضية، والعريش ليست بها دبابات، وقوة سعد الشاذلى هى التى يعّدون منها دائما، إنهم سيقطعون من خان يونس. تناقشنا، واخترت رأى أنور القاضى وعبد المحسن كامل مرتجى، الذى كان من رأيه فعلا تقوية العريش وهذه المناطق، وتكلمنا على ألغام ومواقع دفاعية.
بعد أول يوم وافق عبدالحكيم على أن يرسل «لواء مدرع» للعريش، وتقوية قوة الشاذلى، ثم دفع قوة لرفح، لتقوية منطقة العريش، ثم السناره.
يوم الجمعة 2/6 ذهبت للقيادة وحدى، قال لى عبدالحكيم: لقد نقلت اللواء المدرع من العريش إلى نخل، وقوة سعد الشاذلى نقلتها إلى شمال الكنتله! الحقيقة الخطة هكذا غير منطقية، وأكمل عبدالحكيم.. إن المعركة ستكون بين نخل والحسنة، وهذا قرارى ونفذت هذا الكلام، وبعد ذلك قيل عن هذا اللواء: اللواء الطائر!
حضر بعد ذلك صدقى محمود ومحمد فوزى وشمس بدران ومحمد صادق، وقلت لهم رأيى- قبل أن يبدأ القاضى فى الكلام- أن الحرب ستقوم 100٪، واليهود سيهجمون يوم الاثنين 5 يونيو، وأن الضربة الأولى على الطيران.
شرح القاضى.. فرقة عبدالقادر حسن نقلوها إلى الكنتله، وأخليت كرم بن مصلح والعريش والشيخ زويد، ووضعت فرقة فى رفح. يومها كلمت شعراوى جمعة، وقلت له ما حدث، وأن تقديرى أنهم لم يكونوا متصورين إن فيه حرب!
يوم 5/6 ليلا ذهبت للقيادة، وحاولت أن أكلم عبدالحكيم، ولكنه كان فى حالة سيئة، فقابلت القادة العسكريين، ووجدت أوامر متضاربة! فتركت.
يوم 7/6 كلمنى عبدالحكيم، وقال: الجيش خِلِص، والدنيا انتهت، قلت له: أعمل إيه؟! قال: غرب القناة، رديت.. ياعبد الحكيم نقدر نقف فى الممرات.
اتصل بى شمس بدران، وأبلغته أن رأيى أن عبدالحكيم لا يصلح للقيادة، وتقنعه يستريح، ونحاول أن نتابع ما يحدث، فقال: والله حاسس إن عبدالحكيم أحضر سينايد وسينتحر، ولا أحد يستطيع أن ينقذه! ذهبت إليه ومعى حسين الشافعى وصدقى سليمان وزكريا محيى الدين، وقمت بتهدئة الأمور.
قال شمس لزكريا: الجيش انتهى، والمقاومة الشعبية تحارب! وبدأوا الحديث عن عدد البنادق المتاحة، ثم زجاجات المولوتوف! وهنا قلت حرب سنة 1914 لا تنفع!
رجعت إلى القيادة يوم الخميس 8/6، وقلت لعبد الحكيم: أنا أعتبر أننى مسؤول عما حدث، وعلى هذا الأساس سأتكلم غدا، وقررت أن أتنحى وأتحمل مسؤولية ما حدث، من فى رأيك يستلم البلد؟ فقال أصلح واحد لهذا الموضوع هو شمس بدران!
لقد كنت فى حالة ذهول، فما حدث ما كان فى التصور! وقد فكرت ليلا أنه لا يمكن شمس بدران، فهو ليس على المستوى، وفى الصباح كان اختيارى هو زكريا. وفى نفس اليوم ليلا.. ذهبت إلى عبدالحكيم، وطلب عمل اجتماع يدعى فيه بغدادى وكمال حسين وحسن إبراهيم، قلت له: كيف أشرك هؤلاء فى مسؤولية أنا متحملها؟!
يوم 8/6 ليلا، عندما أخطرونى بأن عبدالحكيم سينتحر- على لسان شمس- سألت محمد فوزى.. ما الذى حدث بعد ما تركت القيادة؟ قال: إن حكيم اجتمع مع شمس، ورتبوا العملية، وشمس بات رئيس جمهورية! وطلبوا فوزى على أنه سيعمل مع شمس! فى نفس الليلة طلبت من حكيم أن يجعل الكلام السابق بيننا سرا، ففوجئت بأنه أخطر شمس وفوزى! وحصلت اتصالات بعد ذلك بناس فى مناطق مختلفة، على أساس ألا يستقيلوا عندما أستقيل!
الساعة 4 صباح يوم 9/6 اتخذت قرارا باعتقال مجموعة شمس كلها، فكل الترتيبات التى عملوها لم تتم.
صباح الجمعة 9/6 كان عبدالحكيم فى حالة غير طبيعية، حيث وردته أخبار بأن اليهود عدوا غرب القناة، ونزّلوا مظلات. أرسلت له زكريا، وعملوا اتصالات، واتضح أن هذه المعلومات غير حقيقية!
أكدت لحكيم أن أنسب واحد هو زكريا، وكنت متصور الناس حاتطلع تضربنا بالجزمة، لأننا عملنا عملة ما تستاهل غير ضرب الجزمة الحقيقة!
بعد الظهر كلمته، وقلت له: زكريا يقدر «يلم» البلد، ودوليا يقدر يتكلم. قال: أُذكر أنى اعتزلت فى الخطاب! رديت.. هذا خطاب الوداع وليس خطاب شخصى! وأضفت.. إننى عندما أرشح زكريا معناه أنك اعتزلت، وبعد مناقشة طويلة قلت له: لأ.. لن أقول!
كلمنى عبدالحكيم بعد ذلك، وقال: أنا طلبت السفير الروسى، وبلغته أنك ستعتزل، وهو يريد أن يقابلك. كان الخطاب محدد له سعت 1930، فحددت له موعدا سعت 1900. جاء لى السفير الروسى «بيلطم»، قلت له: أنتم خذلتونا، وما طلبناه منكم لا ينفذ!
حتى ذلك الوقت زكريا لم يكن يعرف أى شىء، ذهبت إلى قصر القبة وبدأت الخطاب، وعندما وصلت إلى منتصفه، جاءت لى ورقة، المشير يطلب منك إيقاف الخطاب! إيقاف إيه؟! كملت الخطاب. وطلب عبدالحكيم أن يعمل بيان فى الإذاعة، وأنا قلت: لا أحد يعمل بيانات! وعندما أصر أُذيع بيان أنه وشمس بدران استقالا.
حصل ما جرى يوم الجمعة 9، 10/ 6 «بخروج الجماهير ترفض الاستقالة»، فاتصلت بعبد الحكيم، وقلت له: سأصدر بيانا، فقال: أنت استعجلت، وكان لازم تنتظر يومين. قلت له: البلد تتحرق، فقال تتحرق! قلت له: لماذا نحرقها؟ ماهديناها! وطلعت البيان.
كلمنى شمس يوم 10/6 سعت 2300 وقال: يوجد 500 ضابط فى البيت عند المشير، يطالبون بعودته، وهو بيقول لك: بت فى الموضوع فورا! قلت له: يعنى إيه 500 ضابط، وأبت؟! موضوع لا أفهمه! وقد كنت قد أرسلت الحرس الجمهورى للإسماعيلية. وقلت له لماذا تكلمنى؟ دع المشير يكلمنى.. ليس أنت الذى تكلمنى! رجع وقال: إنه وسط الضباط، ويريد أن تبت حالا فى الموقف! رديت.. يا شمس إنت عارف رأيى.. غدا، لن أبت الليلة، أراه غدا وأتكلم معاه. قال: والله.. مصلحة تبت الليلة!
قلت: كيف أبت، وأنا مخى واقف؟! وقلت لك أثناء المعركة أنه غير لائق للقيادة، وأنت تعرف القصة كلها! الجيش يمشى محترف، وعبد الحكيم يستمر نائب أول، وعلى العموم غدا صباحا سأطلبه وأتكلم معه. لم أتصور بأن شمس نقل هذا الكلام بالحرف لعبد الحكيم، إلا عندما سألت شمس آخر مرة جاء لى، فأكد ذلك!
تانى يوم صباحا- 11/6- طلبت عبدالحكيم فلم أجده، وكذلك شمس لا يظهر، ثم بلغونى بأن هناك ضباطاً يذهبون إلى القيادة ويجتمعون، وطلبت صلاح نصر.. سألته عن المشير، وأن يحضره إلىّ!
بعد ذلك بلغونى بأن الضباط أصبح عددهم 700، وأنهم حضروا بإشارات! ثم جاءت عريضة بعودة المشير. قطعا كلامى الليلة السابقة قيل لعدد من الناس، وخططت العملية بترتيب بناء على كلامى ليلا، وجمال نظيم طلّع الفتوة، وطالبوا بعودة شمس بدران.. طلبت جمال نظيم، وقلت له: تقعد فى بيتكم!
كلمنى صلاح نصر، وقال: المشير لم يقبل الحضور، فطلبت فوزى وقلت له: إننى عينتك قائداً عاماً- وكانت سعت 1400- وإنى قبلت استقالات الفرقاء.. يتركوا، وإن الذين أحضروا العريضة يذهبوا للمعاش. وأول ما أذيع الخبر فى الإذاعة سعت 1430، تركوا.. مجموعة المرتزقة! قلت لهم: حيث إن هذه مجموعة هاربون! أنا عارف لا يوجد جيش، احضروا الحرس من الإسماعيلية!
سعت 1730 جاء لى عبدالحكيم..
جمال: إيه اللى إنت عملته؟! طلع حسن خليل بقوة الصاعقة بالسلاح على القيادة، وطلع أبو نار.. الخ، بتعملوا فىّ إيه؟! هو أنا الخديو توفيق؟! مين؟! عثمان وحمزة البسيونى.. الخ، وعبد الحليم عبدالعال، حسن خليل، المعاش ويعتقل.
عبد الحكيم: هؤلاء لم يخطئوا، ونحن مجموعة واحدة! وهم يقولون الرئيس طلع ورجع، والمشير طلع.. يرجع، فيها إيه؟! ليس بها عمل ضدك! وعلى العموم أنت أخذت قرارك.
جمال: قلت له: اللى اتعين فى القيادة قائد عام.
عبد الحكيم: فوزى عينته قائد عام ؟!
جمال: نعم.
عبد الحكيم: لأ.. كنت تعين مرتجى!
جمال: ده قائد الجبهة الذى جرى، كيف أعينه؟! يا عبدالحكيم.. تقعد نائب أول وعضو لجنة تنفيذية عليا، أما الجيش فيمشى جيش محترف.
عبد الحكيم: لا ترضى لى هذا الكلام، يا أقعد فى الجيش.. أو لا أستمر.
جمال: موسى ديان تجمع مع ألون ومناحم بيجن، ونحن البلد مهددة.
عبد الحكيم: أبدا.. يالجيش يا... لا ترضى لى! أنا مسافر المنيا فوراً.
جمال: الدنيا مقلوبة، وأنا معى الطبنجة فقط، ستتركنى الآن وتذهب إلى المنيا؟! طب أقعد جنبى.. بعد ساعة سافر إلى المنيا!
اتصل بى شمس من المنيا قلت له: عبدالحكيم عارف إنك بتكلمنى؟ قال: لأ. قلت: ناديه يكلمنى.. يا حكيم.. يعنى معقول هذا؟! رد.. أنا مستريح. بعد ذلك رجع إلى القاهرة، وطلب هيكل، وكان متذمرا جدا من المعاشات!
ذهبت إليه سعت 2300 فى البيت يوم 12/6، وقلت له: لا يمكن الأوضاع تستمر بهذا الشكل، وأنت عارف رأيى فى الجيش من عشر سنين، ما الذى حدث؟! اترك الجيش وإذا كان لك رأى.. تقوله. قال: أبدا.. يالجيش يا... قلت له: بعد 30 سنة عِشرة يا عبدالحكيم.. يحدث هذا؟!
كان أيضا موضوع جلال هريدى، الذى وصل من الأردن، وهو معروف منذ أيام الانفصال، عندما بعثته لإنقاذ المشير، فاستسلم! ثم عُين ملحقاً عسكرياً وأبعدته فى طوكيو! احتد جلال هريدى عليهم.. جيش بدون المشير لا أعمل! قلت: مرفود!
بلغت عبدالحكيم الكلام.. استقالة 1962 وتوزيعها، الحرية والديمقراطية، النظام وإسقاط النظام، الجيش بيدار من بيت عبدالحكيم، وفوزى فى مكتبه لا يدرى!
جاء لى شمس، وقال: البلد ضدك 100٪، والحل إن المشير لازم يرجع، وإلا ستحدث حوادث!
جاء لى ثروت عكاشة- وهو صديق عبدالحكيم- حكيت له ما حدث، فقال: والله لو رجع عبدالحكيم تبقى البلد كلها تتقلب، ولا يمكن أحد يقبل! وأنا مستعد أذهب إليه وأقول له هذا الكلام.
ذهب ثروت عكاشة لعبد الحكيم عامر، وقال له: البلد حالتها كذا وكذا.. البلد لا تعلم الحقيقة. سأله عبدالحكيم.. والجيش؟ فرد ثروت.. أنا لا أعرف شيئا. قال عبدالحكيم: رأى.. البلد لأنها لا تعلم الحقيقة، وبدأ.. أنهم كانوا عايزين يضربوا الضربة الأولى، وأنا لم أوافق.. وكلام كثير، ثم موضوع الانسحاب الذى أمر به، والتدخل فى الخطة.
لم أقابل أحدا، ولم أتكلم، لكن أنا عارف البلد ما يخفى عليها خافية.. كل واحد بيتكلم، أحسست فيه تنمر وشعور بالقوة.
لما كان عندى شمس، باقول له: ما حالكم يا شمس.. ضباطك ما حالتكم؟ قال: متضايقين لأننا تركنا الجيش! قلت له: نكمل الحديث بعد 3 أيام. بعد ما خرج شمس، أصدرت قرارا بتعيين أمين هويدى وزير حربية، وقرارا برفع صور المشير، وإشارة بأنى قبلت استقالته وإلغاء المنصب، وكلمت فوزى ليعتقل التنظيم كله.. واعتقلوا كلهم!
عملية التنظيم معروفة، وجاء لى شمس يكمل الحديث، كانوا الولاد اعتقلوا، وكلمنى- وشعرت أنه لا يعلم أنهم اتمسكوا- قال لى: ماذا فعلتوا؟ يجب أن يرجع المشير، وأن ذلك هو الحل الوحيد، ولا حل غير ذلك! ثم سأل.. على غزى وبدر، لماذا اعتقلوا؟
جمال: والله أنا اعتقلت دفعة 1948 كلها- فارتجفت شفايفه- أصلك لست رجلا.. لو كنت رجلا كنت قلت لى: أنا عندى تنظيم فى الجيش!
شمس: حاكموهم.
جمال: يهوذا خان المسيح بـ 30 درهم!
شمس: اعتقلنى أيضا.
جمال: حاضر.. مستعد أعتقلك، كنت قد اعتقلت صدقى محمود، ومجموعة المعاشات التى كانت تذهب للمشير كلها أعتقلت.
بدأ المزاج يتغير بعد « الأولاد» ما اتمسكوا، وكلمنى عبدالحكيم يوم الخميس 16/6 ليلا..
عبد الحكيم: أنا سمعت إنك متضايق بسبب الاستقالة، لقد أُخذت بدون أن أعلم!
جمال: والله ما أعرف أين التى أرسلتها لى؟ انطبعت! جاء إلى بعد ذلك، فلم نتكلم فى المواضيع إلا قليلا.. واتعشى.
جمال: النواب تبعك.. كل واحد كان ييجى عندى ويكتب تقرير! وإن قابلك، وقلت كذا، وأخذونى غصب عنى إلى المشير!
عبد الحكيم: وأنت خايف ليه؟ أنا باعمل لمصلحتك.
جمال: أنا لا أخاف!
عبد الحكيم: الروس خانونا، ويريدون أن يتخلصوا منا، وأحسن نتفق مع الأمريكان، دلوقتى أنا رجل غير رسمى، أرسلنى أحل الموضوع، وأنا أعرف هناك باتل.. باطلع سائح وأتفاوض معهم، وأحل!
جمال: الموضوع ليس بهذه البساطة.
كان ذلك يوم السبت 18/6 ليلا.. وتبقى تكلمنى.. ومشى وانتهى الموضوع.
حصلت عمليات فى مجلس الأمة، واتوزعت الاستقالة، على مجلس الأمة أن يناضل.. الخ. إننى أحكى كل ذلك، لأنه يقودنى إلى الموقف. إذا كان عبدالحكيم عمل كده.. تبقى الدنيا إيه؟! ثم إنه قال لثروت: طالما هذا النظام باق، فلابد أن أكون قائد الجيش! فيجب لهذا النظام أن يتغير!
الحقيقة.. أنا جاءت لى خبطتان، الأولى.. سينا واليهود، والثانية.. عبدالحكيم، وهذه أثرت فى تفكيرى، وذلك يجعلنى أقول إن النظام«system» خطأ. هو مقيم فى البيت محصن، وحوله مدافع م / د، ومعه ناس من البلد، وأنا كنت طلبت سحب الحرس من حول بيته، فبعث يقول: أنا رجل عام، ولى أعداء! وعامل خط دفاع أول وثانٍ! وأحضر ناس يدربهم جلال هريدى، وعاملين خطة انسحاب! وهناك لجنة عليا من حسن عامر وشمس بدران، الذى قال له: إنى قلت عليه يهوذا!
كلمنى شمس بالتليفون، فعاتبته على ما قاله لعبد الحكيم، وقلت له: سأعمل مثل البعث، أليست البلد ضدهم 100٪؟! لكن مستمرين، لأن لا يوجد لعب فى الجيش!
نطلع من الموضوع بماذا؟ نظامنا المقفول معناه.. أننى مورث، توجد مناصب إرثا.. الحقيقة البلد كلها إقطاعيات! موضوع الجيش.. من سنة 1962 لا أعرف عنه شيئا! وما كنت أقدر أعمل فيه شيئا.. ومواضيع كثيرة.
أمامنا واجبان..
1- البلد التى تفسخت، «ونلمها».
2- إيه الأخطاء فى نظام الحكم؟ ونصلحها.
الموضوع ليس أن نحكم.. الموضوع وضع النظام السليم للناس، افرض ضربنا فى بعض بالجيش! ما جعلنى اتصرف يوم 11/6، أن الجيش كان هارب!
أنا فى خطاب يوم 9/6 تكلمت على مواضيع محددة، وفى مخى أشياء.. اللجنة المركزية، ثم فكرت أن اللجنة لا يمكن نعملها إلا بمؤتمر عام، وأنا أخاف من الديمقراطية ليه؟!
الجيش.. أنا ما أعرف عنه شيئا، لجنة تصفية الإقطاع.. أنا مشغول، لكن كنت أوقع، التعيينات.. لم أعين أحدا، كل هذه العمليات أنا مسؤول عنها، وبأقول أنا مسؤول عنها. عبدالحكيم كان ماسك ده كله والا لأ؟! بيقول اليوم: إن جمال عبدالناصر ديكتاتور، ويجب تغيير نظام الحكم!
قال لى بعدها: أنا أفديك، وأنا لست خوّانا! قلت له عن مقابلته مع مجلس الأمة، وأضفت.. أنت مُعلن الحرب، ولم أتكلم عليك ولا كلمة! طيب.. أنا وأنت مختلفون، إيه دخل أقربائك.. ما الموضوع؟! إذا كنا بنعمل كده، لماذا نعمل نظام مقفول؟! إذا كان ذلك حدث مع أكثر اثنين التصاقا، فما معنى ذلك؟!
المعنى الثانى.. إذا كانت هناك عصابة فى الجيش تستعد لكى تستلم- وهم المسجونون اليوم- مجموعة من دفعة 48، ومجموعة ثانية طالعين مع شمس سيأخذوا البلد. النظام ليس فيه الاحترام! العمليات التى حدثت فى السنين الماضية، الهدايا، السفريات، وضع الرجل غير الصح فى أى منصب، ماذا كانت النتيجة؟! الكارثة التى حدثت. رأيى أن قواتنا كانت أكثر من اليهود، المارشال الروسى قال لى: عندكم طيارات أكثر من اليهود، ولكنهم يستطيعون أن يستخدموا طائراتهم، وأنتم لأ!
نحن الآن كلنا فى الخمسين، ما تبقى لنا عدد من السنوات قليل، يجب أن نعمل نظام صح يمشى البلد. النقاوة الثورية نسبية، قليل جدا من الناس يقلدك فى الصح، ولكن كثير يقلدونك فى الخطأ! وذلك انتشر، والجيش حدثت فيه أخطاء كثيرة جدا، الجيش سنخلصه وسنطهره.
ما هو الوضع اليوم فى البلد؟ عبدالحكيم يذم فينا، وهو يقول: إن الاتحاد الاشتراكى يذم فيه، أعداؤنا.. لا شىء، الحقيقة النظام يأكل نفسه! قد يتكرر الموضوع.. إذن ما العمل؟ الحقيقة المستقبل بهذا الشكل خطير جدا!
رأيى أن نغير النظام.. فيه عيوب كبيرة، نحن لسنا روسيا، ستالين ذبح كل الذين كانوا معه، وذبح المؤتمر كله واللجنة المركزية! والذى يتكلم ذُبح، وظهر بعد ذلك فالنكوف.. ذبحوه، ثم جاء بولجانين وخروشوف.. قضوا عليهم! وكذلك فى الصين! نظام الحزب الواحد نظام خطأ، يحدث فيه صراعات على السلطة كبيرة جدا، ولازم تحدث تصفية!
أريد أن أرى رأى الناس، لو استمررنا.. بالكثير 10 سنين، ثم نعتزل. ليس ممكنا أن أعيش لسن الستين.. باتكلم جد! إذا استمررنا فأمامنا على الأكثر عشر سنوات، إذن فى تصورى لا نترك البلد لإنسان يسىء إليها مثل شمس بدران، ودفعة 48 الذين يريدون أن يحكموا، أو شخص غير مثقف يقول: إنه لا يعرف حكاية يهوذا والمسيح! الذى يحكم يجب أن يكون عنده فكر ومثقف.
إذن.. حتى الديكتاتورية فيها وازع ورادع وصمام أمان، ماذا عن الديكتاتورية فى بلدنا؟! افرض أن عملية شمس بدران نجحت، وأنا أعلنت التنحى والشعب لم يتحرك، بالتالى كان سيحدث تدبيح لعدد كبير من الناس، مجموعة طالعة تدبح مجموعة! ماذا سيكون حال البلد حينئذ؟!
إننى أقول: يجب أن نؤمن البلد، التطبيقات الاشتراكية «نفذناها»، تذويب الفوارق يحتاج سنين، ماوتسى تونج بعد 50 سنة يصف ليوتشاوتشى بأنه مرتزق رأسمالى! الأساس هو تنفيذ الخطة والتنمية. إن النظام مقفول، وأنا خايف منه، اليوم أنا أقوى واحد فيكم، لكن خايف منه لسبب، لأنى رأيت انحرافات لا أستطيع أن أقومها ولا أوقفها- كده بصراحة- إذن.. ممكن فى المستقبل يكون فيه أسوأ من هذا!
نحن لم نعتقل إنسان من سنة 1964، إلا يوم مؤامرة حسين توفيق. يوم إعلان الدستور أنهيت الأحكام العرفية، وطَلّعت كل المسجونين والإخوان المسلمين، وأصدرت قانوناً حتى يرجعوا إلى عملهم، ثم جاء موضوع الإخوان المسلمين الخاص بعبد القادر عامر، وبدأ التحقيق، ورجعناهم كلهم إلى السجن. أُعتقل مع هؤلاء، جماعات التبليغ، والبهائيين، والمجرمين. أُعتقل بعد ذلك الذين كانوا فى جنازة النحاس، ثم من حددتهم لجنة تصفية الإقطاع. ويوم ما تولى زكريا محيى الدين الوزارة لم يكن عندى معتقل واحد، بل الإخوان المسلمين أعضاء التنظيم الإرهابى المحكوم عليهم، أنا طلعتهم.
الحقيقة إجراءات الأمن فى هذا الموضوع، نتجت عن أن الذين طلعناهم من السجن عملوا تنظيمات إرهابية- سيد قطب- وقلنا نرجع الذين كنا قد أفرجنا عنهم إلى السجن، وطلعنا دفعة من الإخوان المسلمين. لكن اليوم لا أستطيع أن أفرج عن دفعة، لأنه فيه شرخ فى النظام، ولو طلعتهم معناها أننا مستضعفون.
وحول الأخطاء الماضية.. لم يكلمنى أحد منكم فى هذه الموضوعات أبدا، أيام وجود عبدالحكيم. بدى أسجل للتاريخ.. الوحيد الذى تكلم معى فى هذه الموضوعات هو صدقى سليمان، وقلت له: اذهب للجنة تصفية الإقطاع، فطلب لجنة الرقابة.. يعنى هذه الصورة رأيتموها من 5 يونيو ولا أقول 9؟!
بنلوم أعضاء مجلس الأمة أنهم لا يتكلمون، وهناك قصة اسمها «الحقيقة ثلاث دقائق».. أيام حكم باتستا فى كوبا دخل واحد الإذاعة وقفل الباب، وتكلم فى الميكروفون، وقال رأيه فى الحكومة بمنتهى الشجاعة، ودخلوا ضربوه رصاصة! إذا كنا نرى حقائق ولم نستطع أن نتكلم عليها، ما هى المصيبة مصيبتين! لماذا لم تصمم على أن الصح يأخذ مجراه، وتقول الحقيقة ولو لثلاث دقائق؟!
إننى أريد أن أفتح المناقشة، وبأقول إن النظام غَلَط، وقلت: إن الكبار أصبحوا لا يتكلمون، وأريد واحد يتكلم ولو تُقطع رقبته! نحن أكبر هيئة فى البلد نرى هذا الموضوع ولا نتكلم! كيف تطلبوا منى أن أصلح؟! أنا عاجز أن أصلح!
هذه مشكلة المشاكل، ومصيبة المصايب إذا كنا هكذا.. أنا باقول علنا: إننى فى الجيش- من سنة 1962- كنت أحاول أن «ألم» ولا أعمل صدام قد يهدد البلد، وأنتم تعرفون ذلك. فى سنة 1962 قبلت استقالة عبدالحكيم، وأنتم عندى فى بيتى، ثم قلت لكم أتركونى أفكر! وقمت «لميت» فى عبدالحكيم عامر، وبعدت نفسى عن الجيش، وقبلت أوضاعا لأسباب تعرفوها ويعلمها الله، وكان هدفى أن أطمن عبدالحكيم من الناس الذين كانوا يخوفونه منى. وكان يوافقنى، ماعدا شىء واحد، موضوع الجيش، كان يصمم على رأيه! النظام أصبح عفناً«rotten».
الإخوان بأعتبرهم مع الأمريكان وفيصل، وهدفهم الأول التخلص من النظام ومنى شخصياً. ورأيى أنى شخصيا.. الأمريكان لن يتركونى فى الفترة القادمة. وعندى معلومات عن مفاجأة يوم 9 و10 على الأمريكان! وهم كانوا يعتقدون أن اليهود وصلوا القناة، وخِلِص جمال عبدالناصر! الاحتمال الذى وضعوه ليس إلا الاغتيال! وعن أثر 9 و10 يونيو.. كل المعلومات التى عندى، صدمة عنيفة جدا نتيجة ما حدث فى البلاد العربية، بل أكثر فى بيروت، حرقوا وهدموا كل المؤسسات الأجنبية، مظاهرات يخرج فيها المسيحيون والمسلمون! هذا العام الأمريكان «مش حيسيبونى» أبدا، يمكن لهذا أنا مستعجل فى بحث هذه الأمور. قد يقول البعض كيف.. واليهود فى شرق القناه؟! لا.. الموضوع أوسع من ذلك كثيرا.
ما هو النظام المفتوح؟
الخوف موجود من سنة 1952.. أى ثورة فيها خوف.. تاريخ الثورات فيها خوف، الكتاب قبل الثورات يكتبون، وبعدها لا يكتبون.
إذا أردنا نعمل خيراً فى هذا البلد أقول لكم رأيى.. أن نتحرر أولا من الخوف، ونحرر البلد من الخوف، ولا يمكن أن نحقق ذلك بإجراء ولا بكتابة ولا بقلم. إن هيكل يكتب لأنى ضامنه، وهو يعرف أن لا أحد سوف يمسه طالما أنا موجود، لكن من يقدر يكتب إلا لما يأخذ الأمان؟!
إذا كنا نريد أن نضمن الأمن والسلام والطمأنينة فى البلد، نعمل معارضة فى حدود معينة ومضبوطة، ونسمح لها تعمل حزب، وأعمل حزب ويظل الاتحاد الاشتراكى موجودا. وأصدر قانونا بإنشاء حزبين، أعطيهما جريدة مثل جريدة الاتحاد الاشتراكى، ونتفق أن المعارضة تعمل فى إطار الميثاق، ونعمل انتخابات فى شهر ديسمبر القادم، ومن يكسب الانتخابات يستلم البلد.
لا توجد ديكتاتورية، يا نعمل ديكتاتورية حقيقية والذى لا ينفذ شيئاً نقطع رقبته.. وأنا لا أستطيع، يا إما نظام مفتوح فى حدود الميثاق.. نحن رجال الثورة اختلفنا، نعمل حزبين. والجيش يكون محترفا، والبوليس محترف، ونعمل قواعد أساسية نمشّى بها البلد. ذلك هو النظام المفتوح الذى أتصوره، ونخلص من النظام العفن، ونتحرر من هذا النظام، ويبقى عملنا شيئا. أنا ضد نظام الحزب الواحد، الحزب الواحد ديكتاتورية طبقة أو ديكتاتورية حاكم.
من أول الثورة- 27 يوليو 1952- مجلس الثورة قال رأيه فى الديمقراطية، وكنت الوحيد الذى صوت مع الديمقراطية، والباقى.. ديكتاتورية، وقلت لهم: سلام عليكم.. وخرجت، وجاء لى ناس من الجيش وقالوا لى كيف تخرج؟! بعدها بيومين جاء لى جمال سالم، وقال لى: لقد قبلنا رأيك، وبهذا أنت نفذت ديكتاتوريتك علينا، لأن الأغلبية خضعت للأقلية!
اليوم إذا لم ننفذ ذلك، لن نعرف من الذى سوف يستلم البلد فى المستقبل؟ وما هى الضمانات؟ والذى وصلنا لدرجة أننا نخاف نتكلم أو نقبل أوضاعا لا تعجبنا، ممكن يحدث فى المستقبل أسوأ منه كثيرا.
المصدر: المصري اليوم
المصدر: المصري اليوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق